تَحذيرُ مَنْ يَنَطق بِأن البَلاءَ مُوَكلٌ بالمَنْطِق

الحلقة الثانية

إعداد الشيخ:محمد عبد المقصود صالح

إمام وخطيب بالأوقاف

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، أما بعد، ، ، 

فقد كان الحديث في اللقاء الماضي عن أهمية حفظ اللسان، حتى لا يكون سببا في نزول البلاء على الإنسان، وحفظ المنطق يصون ويحفظ من السوء والآفات كل من ينطق، وفي هذا المقال بمشيئة الله سبحانه نضرب مجموعة من الأمثال، فبالمثال يتضح المقال، وضرب الأمثال وعظ، لمن أراد أن يهتديَ ويتعظ، و كما قيل: مد المقال في ضرب الأمثال.

وما في الأخبار من ضرب الأمثال أكثر من أن يحصى، وأشهرمن أن يروى، فمنها:

1-إبراهيم عليه السلام وزوجتي إسماعيل.

- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ"جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ اللَّحْمُ، قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ المَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». قَالَ: فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ، قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ. أخرجه البخارى (3364- 3365).

فانظرإلى الفرق بين المرأتين، وارجع البصر كرتين :فالمرأة الأولى: لما شكت واشتكت من فقر زوجها، وتزمرت من سوء حالها، وأفشت سر بيتها، خاف أبراهيم-عليه السلام- على ولده من الاستمرارمع هذه المرأة التي تكفربعشيرها، ولاترضى بعيشة زوجها.

فالمرأة الأنانة المنانة، الطنانة الزنانة التي لاتصبرعلى عيشة زوجها، ولا تعينه على نوائب الدهر بصبرها، ولا تتحمل المصاعب والآلام في بيتها ومستقرها ابتغاء وجه ربها، وتقارن نفسها بغيرها، قد تكون سببا في خراب بيتها بجهلها، ونزول البلاء والوباء على زوجها.

أما المرأة الثانية: فقد سترت بيت زوجها، ولم تفضح سرعيشها، واستعانت على اظهارمحاسن دارها، ولم تمد عينيها إلى ما مُتعت به غيرها، ولم تظهر فقرها، كان الجزاء الأوفى أن فازت بدعاء إبراهيم -عليه السلام- في توسعة رزقها، وأن تُثَبت عتبة بابها.

يقول ابن هبيرة: المرأة مسرعة إلى الشكوى لم يكن حالها ملائمة أن تكون زوجة نبي، وبضدها الراضية الشاكرة، فلذلك أمر إبراهيم ولده إسماعيل بمفارقة الأولى وإقرار الثانية. الإفصاح (3/ 148).

ولذلك يقول الشاعر:

قليل التشكي للمصيبات ذاكر ... من اليوم أعقاب الأحاديث في غد

وإن مسه الإقتار والجهد زاده ... سماحا وإيلافا لما كان في اليد

وقال آخر:

قليل التشكي للمهم يصيبه ... رحيب مناخ العيش سهل المبارك

 

وقال آخر:

إذا أنشب الدهر ظفرا ونابا ... وصال على الحُر منا ونابا

صبرنا ولم نشـــــــــــــك أحداثه ... لأنا نعـــــــاف التشكي ونأبى

2- موسي عليه السلام وفرعون.

-ذكر المفسرون" أن الجواري لما التقطن موسى عليه السلام من البحر في تابوت مغلق عليه، فلم يتجاسرن على فتحه، حتى وضعنه بين يدي امرأة فرعون آسية بنت مزاحم، فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب، رأت وجهه يتلألأ بتلك الأنوار النبوية والجلالة الموسوية، فلما رأته ووقع نظرها عليه أحبته حبا شديدا، فلما جاء فرعون قال: ما هذا؟ وأمر بذبحه، فاستوهبته منه ودفعت عنه، وقالت: { قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ} [القصص: 9]، فقال لها فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا- أي لا حاجة لي به-، والبلاء موكل بالمنطق، وقد أنالها الله ما رجت من النفع، أما في الدنيا فهداها الله به، وأما في الآخرة فأسكنها جنته بسببه. البداية والنهاية(2/ 37-38).

- وروي عن ابن عباس: أنه قال: لو قال فرعون قرة عين لي، إذا لآمن به، ولكنه أبى. تفسير ابن أبي حاتم (9/ 2945).

-وقال الأشمونى: روي عن ابن عباس:أنه كان يحب الوقف على كلمة" لا"، لأن امرأة فرعون قالت قرّة عين لي ولك، فقال لها فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا، أي: ليس هو لي قرّة عين، فكان كما قال، وهذا من محاسن الوقف والابتداء. منار الهدى في بيان الوقف والابتدا(ص: 579).

يقول الشاعر:

حفظ اللسان سلامة للرأس ... والصمت عز في جميع الناس

والفكر قبل النطق يؤمن شره ... والفكر بعد النطق كالوسواس

وقال آخر:

 حفظ اللسان راحة الإنسان ... فاحفظ حفظ الشّكر للإحسان

3-يوسف عليه السلام.

-روى أن يعقوب-عليه السلام-قال أولاً في حق يوسف -عليه السلام-{وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} فابتلي من ناحية هذا القول حيث قالوا: {أَكَلَهُ الذِّئْبُ}وقال أيضا: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} فابتلي أيضًا بذلك، وأحيط بهم، وغلبوا عليه. تفسير الزمخشري (2/ 487)، روح البيان (4/ 291)، وَتفسير حدائق الروح والريحان(14/ 28).

-وروي أن يوسف - عليه السلام - شكا إلى الله تعالى طول الحبس فأوحى الله تعالى إليه يا يوسف أنت حبست نفسك حيث قلت رب السجن أحب إلي ولو قلت العافية أحب إلي لعوفيت. أدب الدنيا والدين (ص: 316-317)، تفسير السمعاني (3/ 28).

يقول الشاعر

إذا المرء لم يَخْزُنْ عليه لسانه ... فليس على شيء سواه بِخَزّانِ

4-المريض المحموم.

- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: «لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَقَالَ لَهُ:«لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» قَالَ: قُلْتُ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَعَمْ إِذًا » أخرجه البخاري (5332).

-يقول المهلب:وفي الحديث: أن السنة أن يخاطب العليل بما يسليه من ألمه، ويغبطه بأسقامه بتذكيره بالكفارة لذنوبه، وتطهيرة من آثامه، ويطمعه بالإقالة لقوله: "لا بأس عليك" مما تجده بل يكفر الله به ذنوبك، ثم يفرج عنك فيجمع لك الأجر والعافية لئلا يسخط أقدار الله، واختياره له، وتفقده إياه بأسباب الرحمة، ولايتركه إلى نزعات الشيطان والسخط، فربما جازاه الله بالتسخط وبسوء الظن عقابا فيوافق قدرا يكون سببا إلى أن يحل به مالفظ به من الموت الذى حكم على نفسه....وينبغى للمريض أن يحسن جواب زائره ويتقبل مايعده من ثواب مرضه ومن إقالته، ولا يرد عليه بمثل مارد الأعرابى على النبى -صلى الله عليه وسلم-. شرح البخارى، لابن بطال (9/ 382)بتصرف.

-وقال الكوراني الشافعي" فدل هذا على أن الأمر وقع كما قال، فإنَّ "إذًا" جواب وجزاء، وهو كلام من لا ينطق عن الهوى، وفي الحديث دلالة على أن العائد للمريض يدعو له بالسلامة، وينفس عنه، وقد جاء في الحديث صريحًا. الكوثر الجاري (6/ 409).

-وقال ابن هبيرة" في هذا الحديث ما يدل على أن المسلم إذا قال له أخوه المسلم كلمة بشرى وحمل حالاً له على محمل، فينبغي أن يتقبل ذلك ويرى أن الله تعالى أنطق ذلك المتكلم.

وفيه أيضًا: دليل على أنه لم يقبل البشرى وتأول الكلام على الحالة السوآى كان له ما اختار لنفسه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فنعم إذًا"أي لما حملت أنت الأمر على الحال السيئة كان ذلك. الإفصاح (3/ 201).

-وقال المظهري الحنفي" وهذا إشارة إلى أن الرجل ينبغي أن يتبرك بقول العلماء وأهل الدين، وأن يعظم أقوالهم، وأن يصدق ما أخبروا به، وأن تطيب نفسه بالمرض والحزن وغير ذلك من المكاره لما به من الثواب. المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 390).

5-قصة المتلاعنين.

-عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي إِمْرَأةِ مُصْعَبٍ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ، فَمَضَيْتُ إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ: اسْتَأْذِنْ لِي، قَالَ: إِنَّهُ قَائِلٌ، فَسَمِعَ صَوْتِي، قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ادْخُلْ، فَوَاللهِ، مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا حَاجَةٌ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً حَشْوُهَا لِيفٌ، قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، نَعَمْ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، كَيْفَ يَصْنَعُ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ؟ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، قَالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ، فَقَالَ: " إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] .....ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. أخرجه مسلم (1493).

-يقول ابن العربى"في قول الرجل" إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ "ويحتمل أن يكون لم يقع له شيء من ذلك لكن اتفق أنه وقع في نفسه إرادة الاطلاع على الحكم فابتلي به كما يقال البلاء موكل بالمنطق. فتح الباري، لابن حجر (9/ 449)، كشف اللثام، للسفارينى (5/ 525).

يقول الشاعر:

عليك حفظ اللسان مجتهداً ... فإن بعض الهلاك في زلله

والصبر والصدق يبلغان بمن ... كانا قرينيه منتهى أمله

6-الحسين وكربلاء.

-روى محمد بن سعد وغيره من غير وجه" عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ مَرَّ بِكَرْبَلَاءَ، عِنْدَ أَشْجَارِ الْحَنْظَلِ، وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى صِفِّينَ، فَسَأَلَ عَنِ اسْمِهَا فَقِيلَ: كَرْبَلَاءُ، فَقَالَ: كَرْبٌ وَبَلَاءٌ. فَنَزَلَ وَصَلَّى عِنْدَ شَجَرَةٍ هُنَاكَ، ثُمَّ قَالَ: يُقْتَلُ هَاهُنَا شُهَدَاءُ هُمْ خَيْرُ الشُّهَدَاءِ غَيْرَ الصَّحَابَةِ، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ هُنَاكَ، فَعَلَّمُوهُ بِشَيْءٍ، فَقُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. طبقات بن سعد (1/ 431)، البداية والنهاية (11/ 572)، تاريخ دمشق(14/ 221).

-وعَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ حِينَ نَزَلُوا كَرْبَلَاءَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا: كَرْبَلَاءُ. قَالَ: كَرْبٌ وَبَلَاءٌ. البداية والنهاية (11/ 516)، سير أعلام النبلاء (3/ 311)، تاريخ دمشق (14/ 220).

يقول الشاعر:

أقلل كلامك واستعذ من شره ... إن البلاء ببعضه مقرون

واحفظ لسانك واحتفظ من غييه ... حتى يكون كأنه مسجون

وكِلْ فؤداك باللسان وقل له .... إن الكلام عليكما موزون

7-عمر بن الخطاب وجمرة.

-عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ لِرَجُلٍ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ جَمْرَةُ، فَقَالَ: «ابْنُ مَنْ؟»، فَقَالَ: ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ: «مِمَّنْ؟» قَالَ: مِنَ الْحُرَقَةِ، قَالَ: «أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟» قَالَ: بِحَرَّةِ النَّارِ، قَالَ: «بِأَيِّهَا؟»، قَالَ: بِذَاتِ لَظًى، قَالَ عُمَرُ: «أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدِ احْتَرَقُوا»، قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. موطأ مالك(25).

-يقول الباجي" قد كانت هذه حال هذا الرجل قبل ذلك فما احترق أهله ولكنه شيء يلقيه الله في قلب المتفائل عند سماع الفأل، ويلقيه الله على لسانه فيوافق ما قدره الله. المنتقى (7/ 297)

، تنوير الحوالك (2/ 245).

-وقال البغوي" وينبغي للإنسان أن يختار لولده وخدمه الأسماء الحسنة، فإن الأسماءالمكروهة قد توافق القدر. شرح السنة، للبغوي (12/ 177)، عون المعبود(10/ 296).

8- سعيد ين المسيب.

-عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ» قَالَ: حَزْنٌ، قَالَ: «أَنْتَ سَهْلٌ» قَالَ: لاَ أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: «فَمَا زَالَتِ الحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ. أخرجه البخارى (6190).

-يقول الباجي" والفرق بين هذا وبين الطيرة الممنوعة أن الطيرة ليس في لفظها ولا في منظرها شيء مكروه ولا مستبشع، وإنما يعتقد أن عند لقائها على وجه مخصوص يكون الشؤم، ويمتنع المراد وليس كذلك هذه الأسماء فإنها أسماء مكروهة قبيحة يستبشع ذكرها وسماعها ويذكر بما يحذر من معانيها فاسم " حَرْبٍ "يذكر بما يحذر من الحرب وكذلك "مُرَّةُ" فتكرهه النفوس لذلك، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الفأل الحسن. المنتقى (7/ 295)

9-الكسائى واليزيدى.

-قال ابن الدورقي يقول: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد، فحضرت صلاة فقدموا الكسائي يصلي فأرتج عليه، قراءة{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، فقال اليزيدي:قراءة {قُلْ يَا أَيُّهَاالْكَافِرُونَ}[الكافرون: 1] ترتج على قارئ الكوفة.

قال: فحضرت صلاة، فقدموا اليزيدي فأرتج عليه في الحمد، فلما سلم قال:

احفظ لسانك لا تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق.

 معرفة القراء، للذهبى (ص: 75) غاية النهاية، لابن الجزرى(1/ 539).

وللحديث بقية في اللقاء القادم بمشيئة الله جل وعلا

وصلي اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم