عن أبي هريرة رضى الله عنه قال:

أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت، صوم ثلاثة أيام فى كل شهر، وصلاة الضحى ونوم على وتر. متفق عليه

وحديثنا في هذه المرة - إن شاء الله تعالى - عن صلاة الضحى فنقول مستعينين بالله تعالى: الضحى: ارتفاع النهار، وقيل: هو النهار كله.

قال تعالى: (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) [الضحى: 1، 2 ].

وصلاة الضحى يقصد بها الصلاة في وقت الضحى.

وقت صلاة الضحى: ويدخل بطلوع الشمس وذهاب وقت الكراهة حتى الزوال.

وفي الحديث عند مسلم وأحمد عن زيد بن أرقم قال: خرج النبي صلي الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى - فقال: (صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى).

وفي رواية: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال).

ومعنى رمضت الفصال، أي: احترقت من شدة الحر، الفصال: جمع فصيل، وهي صغار الإبل، حيث تتأثر بالحر الذي لا يتأثر به كبارها.

مشروعية صلاة الضحى: ذكر السيوطي في جزء صلاة الضحى أدلة القرآن الكريم على مشروعية صلاة الضحى بقول الله تعالى: (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ) [ص: 18] وبقوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) [النور: 36] وبقوله تعالى: (فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا) [الإسراء:25] ونسب بعض هذا إلى ابن عباس رضي الله عنهما.

ونسوق جانبًا من الأحاديث التي جاءت بمشروعية صلاة الضحى.

1- عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:(يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ويجزئ عن ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحى) (رواه مسلم).

2- عن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (في الإنسان ستون و ثلثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل صدقة) قالوا: فمن يطيق ذلك يا رسول الله، قال: النخامة في المسجد يدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق، فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزئ عنك) (رواه أحمد وأبو داود).

3- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم سرية ففتحوا، وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم، وكثرة غنيمتهم، وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى، وأكثر غنيمة، وأوشك رجعة ؟ من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب منهم مغزى، وأكثر غنيمة، وأوشك رجعة) (رواه أحمد والطبراني).

4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم بعثًا فأعظموا الغنيمة، وأسرعوا الكرة فقال رجل: يا رسول الله، ما رأينا بعثًا قط أسرع كرة ولا أعظم غنيمة من هذا البعث، فقال: (ألا أخبركم بأسرع كرة منهم، وأعظم غنيمة؛ رجل توضأ فأحسن الوضوء ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة ثم عقب بصلاة الضحوة، فهو أسرع الكرة، وأعظم الغنيمة) (رواه ابن حبان والبزار) وذكر أن الرجل هو أبو بكر رضي الله عنه) صححه الألباني.

5- عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل يقول: يا ابن آدم اكفني أول النهار بأربع ركعات أكفك بهن آخر يومك) (رواه أحمد).

6- عن أبي الدرداء وأبي ذر رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه قال: (يا ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره) (رواه أحمد).

7- عن أبي مرة الطائفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (قال الله عز وجل: ابن آدم صل لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره) (رواه أحمد).

8- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيحة الضحى لا يذهبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين) (رواه أبو داود).

9- عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعًا كتب من العابدين، ومن صلي ستًّا كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيًا كتبه الله من القانتين، ومن صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة.وما من يوم ولا ليلة ألا لله من يمن به على عباده صدقة. وما منَّ الله على أحد من عباده أفضل من يلهمه ذكره) (قال الألباني: حسن).

10- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب) قال: (وهي صلاة الأوابين) رواه الطبراني وابن خزيمة، قال الألباني بعد قوله: الآوابين جمع أواب وهو كثير الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة، قال: [وفي الحديث رد على الذين يسمون الركعات الست التي يصلونها بعد فرض المغرب (صلاة الأوابين)ٍٍ. فإن هذه التسمية لا أصل لها، وصلاتها بالذات غير ثابتة ].

11- عن معاذة أنها سألت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى ؟ قالت: أربع ركعات، ويزيد ما شاء. (رواه مسلم).

12- عن سماك قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قال: نعم، كثيرًا. فكان لا يقول من مصلاه الذي صلي فيه الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام فصلى. (أبو داود).

13- عن أم هانئ قالت: صُب لرسول الله صلي الله عليه وسلم ماء فاغتسل ثم التحف بثوب عليه، وخالف بين طرفيه، فصلى الضحى ثماني ركعات. والحديث في الصحيح غير قولها: (الضحى)(ابن حبان).

14- عن زيد بن أرقم أنه رأى قومًا يصلون من الضحى فقال: لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل. إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)(رواه مسلم).

15- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(من حافظ على شفعة الضحى غفرت له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر).

الخلاف في حكمها:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها. وإن كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.

قال النووي رحمه الله تعالى: والجمع بين حديثي عائشة في نفي صلاته صلي الله عليه وسلم الضحى وإثباتها فهو أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصليها بعض الأوقات لفضلها، ويتركها في بعضها خشية أن تفرض، كما ذكرته عائشة. ويتأول قولها (ما كان يصليها إلا أن يجيء من مغيبه) على أن معناه: ما رأيته (كما قالت في الرواية الثانية) ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى، وسببه أن النبي صلي الله عليه وسلم ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى إلا في نادر الأوقات، فإنه قد يكون في ذلك مسافرًا، وقد يكون حاضرًا، ولكنه في المسجد أو في موضع أخر، وإذا كان عند نسائه فإنه كان لها يوم من تسعة (*)(1) فيصبح قولها: ما رأيته يصليها، وتكون قد علمت بخبره أو خبر غيره أنه صلاها. أو يقال: قولها: ما كان يصليها أي ما يداوم عليها، فيكون نفيًا للمداومة لا لأصلها. والله أعلم.

وقال النووي: أما ما صح عن ابن عمر أنه قال في الضحى: هي بدعة، فمحمول على أن صلاتها في المسجد، والتظاهر بها، كما كانوا يفعلونه بدعة، لأن صلاتها في البيوت ونحوها مذموم أو يقال: قوله: بدعة أي: المواظبة عليها، لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يواظب عليها خشية أن تفرض، وهذا في حقه صلي الله عليه وسلم.

وقد ثبت استحباب المحافظة في حقنا لحديث أبي الدرداء وأبي ذر. أو يقال: إن ابن عمر لم يبلغه فعل النبي صلي الله عليه وسلم الضحى وأمره بها. وكيف كان فجمهور العلماء على استحباب الضحى. وإنما نقل التوقف فيها عن ابن مسعود وابن عمر. والله أعلم.

أورد البخاري في صحيحه باب صلاة الضحى في السفر، ذكر فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن مورقًا قال له: أتصلي الضحى ؟ قال: لا. قلت. فعمر ؟ قال: لا. قلت: فأبو بكر ؟ قال: لا. قلت: فالنبي صلي الله عليه وسلم ؟ قال: لا.

والبخاري يشير بذكاء وبراعة إلى أن المقصود من كلام ابن عمر هنا ليس نفي صلاة الضحى، إنما يقصد أنه ينفيها في السفر، ولذا أورد بعده حديث أم هانئ، وهو أنه صلاها يوم فتح مكة، وقال في الفتح: إن ابن رشد قال: أورد حديث أم هانئ ليبين أنها إذا كانت في السفر حال الطمأنينة تشبه حاله في الحضر كالحلول بالبلد شرعت الضحى وإلا فلا.

إن تردد ابن عمر في كون النبي صلي الله عليه وسلم صلى الضحى. لما روى أحمد عن أنس رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم صلى في السفر سبحة الضحى ثماني ركعات.

جاء في الفتح قول ابن عمر عن صلاة الضحى: إنها بدعة، وقوله: إنها محدثة. ثم قال ابن حجر: قال عياض وغيره: إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها في المساجد، وصلاتها جماعة، لا أنها مخالفة للسنة. ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه رأى قومًا يصلونها فأنكر عليهم، وقال: إن كان ولابد ففي بيوتكم (زاد العيني في العمدة من قول ابن مسعود) لِمَ تحملون عباد الله ما لم يحملهم الله، كل ذلك خيفة أن يحسبها الجهال من الفرائض، ثم ذكر العيني من الصحابة من روى أحاديث في صلاة الضحى: أنس بن مالك، وأبو هريرة ونعيم بن همار، و أبو ذر، وعائشة، وأبو أمامة، و عتبة بن عبد السلمي، وابن أبي أوفى، وأبو سعيد، وزيد بن أرقم، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، و جبير بن مطعم، و حذيفة بن اليمان، وعائذ بن عمرو، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأبو موسى الأشعري، و عتبان بن مالك، وعقبة ابن نافع، وعلي بن أبي طالب ومعاذ بن أنس، والنواس بن سمعان، وأبو بكرة، وأبو مرة الطائفي، فإذا أضفنا إليهم حديث أم هانئ كمل لنا ستة وعشرون صحابيًا.

وقد جاءت الأحاديث في صلاة الضحى ركعتين وأربعًا وستًا وثماني، وجاءت أحاديث أخرى باثنتي عشرة ركعة فيها مقال، وروي عن ابن مسعود عشر ركعات، وأهل العلم على أن أقلَّها ركعتان وغالبهم أن أكثرها ثمان، ومنهم من قال: لا حد لأكثرها.

وأما القراءة فيها فالأمر فيها واسع، وإن كان الحديث عن عقبة بن عامر قال: أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن نصلي الضحى بالشمس وضحاها والضحى.

* عن كتاب الترغيب والترهيب لأبي القاسم ابن الفضل الجوزي الأصبهاني ج3ص7. قال إسحق بن راهويه: (إذا أحب أن يبتدئ صلاة الضحى صل ركعتين إن أحب أن يقتصر عليهما فله ذلك، وإن أحب أن يزيد صلى أربعًا لا يفصل إلا في آخرها، وإن أحب أن يزيد شيئًا يفصل في كل ركعتين إن شاء، أو في الأربع ولا يصليهن حتى يسلم في الأربع أو الركعتين، وإن شاء صلى ثماني. ذكر لنا أن النبي صلي الله عليه وسلم صلى الضحى يومًا ركعتين ويومًا أربعًا ويومًا ستًّا ويومًا ثماني توسعة على أمته صلي الله عليه وسلم.

أقوال الفقهاء:

في المغني قال: صلاة الضحى وهي مستحبة وذكر حديث أبي هريرة وأبي ذر وأبي الدرداء (ثم قال) فأقلها ركعتان لهذا الخبر - يعني: حديث أبي ذر- وأكثرها ثمان، وذكر حديث أم هانئ (ثم قال): ووقتها إذا علت الشمس واشتد حرها لقول النبي صلي الله عليه وسلم: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال).

قال النووي في المجموع: صلاة الضحى سنة مؤكدة وأقلها ركعتان وأكثرها ثماني ركعات، ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال.

قال صاحب فقه السنة: يبتدئ وقتها بارتفاع الشمس قدر رمح وينتهي حين الزوال، ولكن المستحب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس ويشتد الحر.

وقال في المغني: قال بعض أصحابنا: لا تستحب المداومة عليها؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يداوم عليها (ثم قال): ولأن في المداومة عليها تشبيهًا بالفرائض، وقال أبو الخطاب: تستحب المداومة عليها؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم أوصى بها أصحابه وقال: (من حافظ عليها (شفعة الضحى) غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر).

ولا شك أن إرشاد النبي صلي الله عليه وسلم أولى بالاتباع من استنباط فقيه، فما بالك وكثير من العلماء قالوا باستحباب المداومة.

* قال الجزري في الفقه على المذاهب الأربعة: صلاة الضحى سنة عن ثلاثة من الأئمة وخالف المالكية. قالوا صلاة الضحى مندوبة ندبًا أكيدًا وليست سنة.

(ثم قال): أول وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى زوالها، والأفضل أن يبدأها بعد ربع النهار - أما المالكية فقالوا: الأفضل تأخير صلاة الضحى حتى يمضي بعد طلوع الشمس مقدار ما بين دخول وقت العصر وغروب الشمس.

قال القرطبي في تفسير سورة (ص): صلاة الضحى نافلة مستحبة وهي في الغداة بإزاء العصر في العشي لا ينبغي أن تصلى حتى تبيض الشمس طالعة ويرتفع كدرها وتشرق بنورها، كما لا تصلي العصر إذا اصفرت الشمس،  وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، الفصال والفصلان جمع فصيل، وهو الذي يفطم من الرضاعة من الإبل، والرمضاء شدة الحر في الأرض وخص الفصال هنا بالذكر؛ لأنها هي التي ترمض قبل انتهاء شدة الحر التي ترمض بها أمهاتها لقلة جلدها.

وذلك يكون الضحى أو بعده بقليل. وهو الوقت المتوسط بين طلوع الشمس وزوالها، قاله القاضي أبو بكر بن العربي.

ومن الناس من يبادر بها قبل ذلك استعجالاً لأجل شغله فيخسر عمله لأنه يصليها في الوقت المنهي عنه ويأتي بعمل هو عليه لا له.

أهمية النوافل بعد الفرائض: عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال: يقول ربنا عز وجل لملائكته وهو أعلم: انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال: أتموها من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم (إن أول ما يحاسب العبد يوم القيامة صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيئًا قال الرب: انظروا هل لعبدي من تطوع فكمل به ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر أعماله على ذلك).

هذه الأحاديث تبين مشروعية النافلة بعد إكمال الفريضة. ولحديث أبي هريرة عند البخاري في الحديث القدسي: (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه...).

وينبغي أن نعلم أن إكمال الفريضة يعني: أداءها بأحكامها، وحضور القلب فيها، فإذا كان العبد يعتريه السهو في صلاته والخلل دَلَ ذلك على ضرورة حاجته إلى النوافل حتى يكمل الفرائض. والعبد الذي يشعر بالخلل في صلاته فيدخل على ربه من باب الذل والانكسار فيؤدي النوافل مقرًّا بتقصيره وعجزه في فرائضه يكون أرجى أن يقبل ربه منه العمل ويغفر له الزلل.

لذا ندعو أنفسنا للنوافل بعد الفرائض والحرص على تعلم أحكام الصلاة، والحرص على حضور القلب فيها. وإتمامها أركانًا وفرائض وسننًا وآدابًا.

والله أعلم

---------------------------

(1) والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم  لثمان من نسائه، وقد بلغن تسعًا.

ذلك أن سودة بنت زمعة قالت: يا رسول الله لا تطلقتني، وأهب ليلتي لعائشة.

فقول النووي: فإنما كان لها يوم من تسعة أيام يوضح أن التنازل من سودة عن الليل لا عن اليوم فكأنه أراد أن يدخل سودة في قسمة الأيام، ويدخل مكانها عائشة في قسمة الليالي، والله أعلم.